لو دامت لغيرك ما وصلت إليك

لو دامت لغيرك ما وصلت إليك

  • لو دامت لغيرك ما وصلت إليك

افاق قبل 4 سنة

لو دامت لغيرك ما وصلت إليك

المحامي علي ابوحبله

من المعلوم أن دوام الحال من المحال. والناس يرددون هذا المثل الشهير في الماضي والحاضر لأنه حكمة بالغة، وقول مأثور، ينطبق على كل ذي منصب مرموق، الذي يجب أن يحافظ على هذه المكانة بالتواضع، ومساعدة الناس، وألا يتكبر على مَن هو دونه، وأن يقبل بالنصيحة، وأن يحترم المكانة التي وصل إليها.. ويعلم أنها "لو دامت لغيره ما وصلت إليه"؛ ولذلك يجب ألا يغتر بما هو فيه من جاه، ومال، ومنصب أو وجاهة؛ لأنها قد تذهب مع أدراج الرياح فجأة. قال تعالى في سورة الحاقة عن المتكبرين { مَا أَغْنَىٰ عَنِّي مَالِيَهْ ۜ (28) هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ (29)}. وفي قصة قارون: { فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ. فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ (81) وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ، لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا، وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (82)}.

 

قالوا: أسوأ أشكال الظلم هو العدالة المفتعلة. ونقول: إذا كانت العدالة مفتعلة فحُق للظلم أن يتبختر، لكنه سيسقط يومًا لا محالة. وقالوا: يستطيع أي شخص إمساك دفة المركب حين يكون البحر هادئًا. ونقول: "قطع الله اليد التي تفتخر حينما تمسك دفة المركب والبحر هادئ، ولا تستطيع أو تحاول أن تمسك الدفة والبحر هائج". وقالوا: "التغيير عمل شاق"، وهكذا: "الثبات ليس عملاً شاقًّا فحسب، ولكنه ليس مستحيلاً". وقيل: "قد تستطيع أن تسحق شخصًا تحت وطأة لسانك"، ولكن: "يجب أن لا يتورط البعض، ويأخذ هذا القول مأخذ الجد؛ لأنه بدلاً من أن يسحق شخصًا بلسانه قد يسحقه ذلك الشخص بقدمه قبل أن ينهي هو كلامه". وقيل: "يا غريب كن أديب"، ولكل من يحارب التوطين والكفاءات الوطنية أقول: "لن تغرقنا بالكفاءات الوهمية من بني جنسك على حساب الغير  ،

من الأفضل ألا يطيل المسئول في المنصب القيادي حتى تتجدّد الدماء، وهو ما يُطلق عليه الآن بضرورة تداول المنصب ضمن سياسة الحوكمه ، وتحديده بفترة معينة، وقد أقر أبو حنيفة – رحمه الله ولاية القضاء بسنه لسببين حتى لا ينشغل عن تحصيل العلم ولا يتعرض للفتنه والغرور . وكثير من المسئولين للأسف ممن تولوا مناصب قيادية كبرى تغيَّرت شخصياتهم 180 درجة، فبعد أن كان متواضعاً يعامل زملاءه وكأنهم إخوانه.. أصبح متعجرفاً يعامل الموظفين وكأنهم عبيد له بكل عنجهية وغرور وتكبّر.. وبعد فترة دارت الدوائر، وطار المنصب، وعاد المسئول يبحث عن الزملاء.. ولكنه لم يجد أحداً.. نعم.. ينسون أن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء من عباده.. ولينظر هؤلاء إلى ما قاله الشاعر:

وتلك الأيام نداولها بين النــــاس فلا تغرَّنك الحياة بنعماء تلهيــك

كل نعماء تـــزول بضـــر وبــــأس وما تخفي الأيام من الشدائد يأتيـك

وتواضع إن التواضع خير لبــاس ولا تفخر بما لم تصنعه أياديـك

تواضع فكل مجدٍ يعقبه إفــلاس ولو دامت لغيرك ما وصلت إليـك

 

 

التعليقات على خبر: لو دامت لغيرك ما وصلت إليك

حمل التطبيق الأن